بالرغم من كل مظاهر الحضارة و التقدم الفكري التي طالت كل ربوع المملكة و ساكنيها، إلا أن هنـالك بعض الأماكن التي لا
تزال تعيش على سنة أهل الجـاهلية. أغرب ما في الأمر هو أن تلك السنن التي لا تمث لعصرنـا بصلة تمـارس باسم الدين الإسلامي و الذي - كما يعلم الجميع – جـاء في المقام الأول لينفي كل مظاهر التخلف و يخرج النـاس من ظلمـات الجـاهلية إلى النور.
مع حلول ذكرى المولد النبوي من كل عام، تتوافد جماهير غفيرة من مختلف مناطق
المملكة لحضور الاحتفال المقام سنويا في ضريح 'الشيخ الكامل' بمدينة مكناس، حيث
يتخذه البعض ملاذا لهم لأيام رجـالا ونساء، حتى انتهـاء طقوس الاحتفال الذي يزعمون
أنه تقليد إسلامي يوصي به أهل الدين و التصوف.
لعل من أبرز الطقوس الجاري بها العمل في كل عام و التي تكررت في ذكرى هذا
العام أيضا بساحة ضريح 'الشيخ الكامل' بمكناس، عروض فيها من الغرابة ما كان،
أبطالهـا أشخـاص يأكلون اللحم النيئ و يفترسون ما توفر من أرانب و خرفانَ حية.. و آخرون يأكلون الزجـاج ويشربون
الماء الساخن، و كل هذا يحدث على إيقاعات الطوائف العيساوية التي تحج بدورهـا من
مختلف الأحياء المكناسية مصحوبة بقرابين و ذبائح تؤخذ إلى الضريح و تقدم كهدايا.
و تجدر الإشارة إلى أن هذا الضريح يعود ل سيدي محمد بن عيسى المعروف
'بالهادي بن عيسى' و هو الاسم الذي أطلقه عليه عدد من الأولياء الصالحين، أو
'الشيخ الكـامل' و هو اللقب الذي أطلق عليه نظرا لرسوخه و تمكنه من الفكر الصوفي.
وقد كان الهادي بن عيسى من دعا إلى الاحتفال بذكرى
ميلاد خير الأنام، وكان يعطي للاحتفال بهذه الذكرى - التي تصادف 12 ربيع الأول من
العام الهجري- أهمية كبيرة، و كان الاحتفال عبارة عن جلسات دينية ابتهاليه، يتغنى
فيها الحاضرون بأذكار و قصائد مدحية. إلا أن تابعيه حـادوا عن الطريق بعدما وافته
المنية زاعمين أنه من أمر بالاحتفال على الطريقة التي يجري بهـا الأمر في الوقت الراهن.
By Cholay Amine