' أنـ ا ' و ' هو ' |
ينتمي أنـا لأسرة فقيرة ، أسرة تضم كلا من أمه و أختان تبلغـان من العمر تلاثةأعوام ، مذ وفـاة والده قبل ثمـانية أشهر و الأسرة تعيش حياة بؤس و شقـاء ، فقد رحل مصر رزقهم الوحيد و ذرعهم الذي يقيهم و يحجب عنهم أعين المجتمع الظالم . فلا أحد كان يساعدهم ولو حتى بشق خبزة . عـاشوا الأشهر الفـارطة فقط بتلك الريالات التي يتوصلون بهـا كل شهر من المعمل الذي كان الأب يشتغل به . فهو لم يكن مصرحـا به ،ولم يُسجل لا في سجل الضمـان الإجتمـاعى ولا في التأمين ، كلمـا كـان يطالب صاحب العمل بهذه الأشيـاء إلا و هدده بقطع رزقه ، فيصمت الأب و يعود أدراجه خـائبـا ومستسلمـا لواقع مرير لا هروب له منه ، لكن في المُقـابل وعد صـاحب العمل كل العمـال بصرف منح لعـائلاتهم كل شهـر بعد وفـاة أي عـامل لمدة ثمـانية أشهر . ولآن ، هـاقد انقطعت المنحة ، و لم يعد لهم من حل لكسب قوت عيشهم سوى أن تخرج الأم للعمـل في المنـازل مقـابل ورقة خضراء في آخر النهـار .
و فعلا خرجت المجـاهدة للعمل حتى تصون أولادهـا من الجوع ، وحتى لا ينقطع أنا عن الدراسة ، و هذا هو المُنتظر من الأم التي وُضعت الجنة تحت أقدامهـا ، و التي رُبِطت أقدارنـا بأقدارهـا ، أحلامنـا نحلمهـا لأنفسنـا و أحلامهـا تحلمهـا لنـا ، تفرح لفرحنـا ، تحزن لحزننا ، و كأن الحبل الذي كـان يربطنا
بهـا أيام كانت بطنهـا منزلا لنـا لم يقطع بعد ، تسهـر الليـالي تضمد جروحنـا ، تعـاني الآهـات كي تبني صروحنـا ، و مـاذا تنتظر في المُقـابل ؟ طبعـا لا شيئ .
كـانت الأم تعـود في آخر النهـار محملة بمـا استطاعت اقتنائه بأجرتهـا من خضر و قطـاني ، ومـا إن تخلع جلبـابهـا حتى تشرع في عملهـا الثـاني ، أي تحضير وجبتي العشـاء و غذاء اليوم الموالي ، و الذي سيتكلف أنـا بتسخينه و مشـاركته مع أُختيه بعد رجوعه من المدرسة .و هذا ما كانت الحـال عليه كل يوم ، فقر و عنـاء و شقـاء ، لكن كل هذا لم يكن ليمنع الفرح من طرق أبواب قلوبهم ، فرغم كل ما يعـانونه إلا أن حيـاتهم مليئة بالسعـادة ،’ سعـادة قد صنعـوهـا بأيديهم لتملئ جنبات قلوبهم طاردة ألم الواقع المزري الذي يعيشونه . الفقر ليس/ولم يكن يومـا وصمة عـار ، أودافعا لكره الحيـاة و تمني الموت و عدم الرضى بالقسمة و النصيب ، ففي أغلب الأحيـان يكون الفقر سبب توفرك على أشيـاءً لا يملكهـا الغني و لن يملكهـا حتى وإن حـاول شراءهـا بأمواله ، أ سرة علـى سبيل المثـال ، صدقـا ، تلاحمـا ، حُبـا ، احترامـا ،. ضحكة تضحكهـا في وجه أخيك خـالية من الكره أو الحقد . فكيف يكون هنـالك حقد بينكم و لا مال لكم ، ولا إرث لكم ، ولا سيـارة تتشاجرون على سياقتهـا . ولا ملابس غـالية تتسابقون لارتدائهـا.أرأيتم ؟ الفقر قد يقيكم و يجنبكم الكثير من المشـاكل ، بل و أجمل شئ في الفقر هو أنه يمنحك سببا حتى تدرس ، تكد ، تتعب، تعمل بجد حتـى تصنع مستقبلا أفضل ، و الدليل علـى هذا أن أعظم عظمـاء التـاريخ لم يكونوا أغنيـاء ، وأن بعضهم قد جـاؤوا لهذه الحيـاة بلا أب ولا أم و لا عـائلة ، كل مـا يملكونه رداء قد لُفّوا فيه ووضعـوا أمـام أبواب الملاجئ ، فكان فقرهم السبب فيمـا وصلوا إليه. أظن أنني استرسلت في الحديث عن الفقر و نسيت عـلى أن لدي قصة علي أن أرويهـا عليكم .
المهم ، هذا هو أنـا ، و هذا مـا يعيشه و هذه أسرته . و في المقـابل نجد هو . الفتى المُدلل الذي لديه كل شيئ يحلم انا بامتلاكه ، و أعني بذلك : أبـا ، فيلا بمسبح و ملعب كرة قدم ، كلبـا مُدللا ، دراجة ، كرة جديدة ... . كل مرة يزور فيهـا أنـا منزل هـو يقف مشدوهـا أمـام تصميمه المثـالي و خصـائصة المتعددة ، و يتمنى لو أنه كان ابنـا لأسرة هو بدلا منه . لكنه لم يكن يعلم آنذاك أن حيـاته أفضل بكثير من حيـاته . لم يكن شغب هو و سوء تصرفـاته من فراغ ، فقد كان محرومـا من حنـان كلا والديه . فوالده يخرج في الصبـاح البـاكر ليرعى أعمـال شركته و لا يعود إلا في الليل بعد أن يكون هو قد نـام ، و في بعض الأحيـان قد تمر أسـابيع على عدم لقـاء هو بوالده . أمـا أمه فتمضي اليوم بطوله في صالونات التجميل و النوادي حيث تلتقي صديقاتهـا . و يظل هو مع مربيته ، و التي لا تعيره اهتمامـا ، فهي تنتظر متى ترجع الأم للمنزل و ينتهي عملهـا.
حياة مليئة بالشتات و التفرقة ، و السبب بالطبع هو المـال . أحمدوا الله يـا فقراء ، فالفقر أروع ابتلاءقد يبتليكم الله عز و جل به ، لا تكونوا كـ أنـا الصغير ، الذي عمته المظاهر فأضحـى يتمنى حيـاة أسوء بمائة مرة من حيـاته .
أصبت يا فتى ... أسلوب كتايتك حقا جيد ..
RépondreSupprimerأتطلع إلى المزيد من الإبداع ^^
Na7nou Fintidaaariii Lmaziiiiiiiiiid ;)
RépondreSupprimerHhhhhhh, Kmeeeel Deghyaaaa xD
ama3ndiiiix M3a Taxwiii9 xD
tbarkallah 3liik akhouya 7na fii ntiidar lmaziid man ibda3atak enchellah et vraimment 9albak tayiib lli kat3tina hikam nasstafdoo manha
RépondreSupprimer